سحر الكابالا | الطقوس المظلمة التي لا ينجو منها العقل

سحر الكابالا الطقوس المظلمة التي لا ينجو منها العقل

ليس كل من يلمس النور يُنير، أحيانًا النور ذاته يحرق و في مكان ما، في زاوية معتمة من التاريخ، نشأت عقيدة لم تكن يومًا موجهة للعامة ولم تكن تقرأ على الورق، بل تُهمس في آذان مختارين فقط ولم تكن تُمارس في الضوء، بل في أعماق الظلال هذه هي الكابالا  أو كما تعرف بـ Kabbalah  العقيدة التي تمزج بين الميتافيزيقا، السحر، الأرقام، وعلم النفس عقيدة لا تُدرس، بل تنقل ولا تُفهم إلا لمن فقد طريق العودة.


ما هي الكابالا؟

يظن البعض أن الكابالا مجرد  تصوف يهودي، لكن الحقيقة أعمق بكثير، وأخطر بكثير الكابالا، في جوهرها، هي محاولة لفهم بنية الكون والرب والإنسان، ليس عبر الإيمان، بل عبر السيطرة نعم، السيطرة على أسرار الخلق والطبيعة الإلهية ويقال أن الكابالا ليست دينا بل أداة نعم يا صديقي أداة لفك رموز الواقع أو لإعادة تشكيله.

الجذور القديمة | من أين بدأت الكابالا؟

طقوس سحر الكابالا

ويعتقد أن بدايات الكابالا تعود إلى القرن الـ12 في جنوب فرنسا وإسبانيا، لكن كثيرًا من الباحثين يؤكدون أن أصولها أقدم من ذلك بكثير، ربما حتى بابل القديمة، ومصر الفرعونية، حيث تم تناقل الأسرار من كهنة إلى تلاميذ عبر عهود الظلام وتأثرت الكابالا بكتب سفر التكوين، وظهرت بشكل مكثف في كتابها الأشهر سفر الزوهار Zohar  الذي لا يقرأه إلا من يتقن الأكواد العددية والرموز ولم تكن مجرد تأملات روحية، بل منظومة مشفرة لخلق اتصال مباشر مع القوى العليا، ولـ توجيه الواقع حسب إرادة من يمارسها.

الجوهر الفلسفي والوجه المظلم
تطرح الكابالا أسئلة مرعبة: هل الله هو واحد أم متشظ إلى 10 قوى تدعى السيفيروت؟ هل الخير والشر حقيقة؟ أم مجرد أدوات في يد من يعرف كيف يستخدمهما؟ وهل يمكن للإنسان أن يصبح إلهًا صغيرًا عبر الكابالا؟ لكن خلف هذا الفكر الصوفي المعقد، هناك وجه آخر: وهي الطقوس السرية ورسوم الدم و تأملات في الظلام و استحضار كائنات من العوالم الخفية و العديد من الطقوس ترتبط بالرقم 10، بالشجرة المعكوسة، وباستخدام أسماء الله بشكل معكوس  تمامًا كما في السحر الأسود.

لماذا خافوا من الكابالا؟

حتى داخل الديانة اليهودية، تم منع تعليم الكابالا للعامة ولا يُسمح بدراستها إلا لمن:

  1. تجاوز الأربعين عامًا
  2. تزوج واستقر نفسيًا
  3. قضى حياته في دراسة التوراة
  4. وتم اختباره من قبل العارفين

لأن الكابالا ليست مجرد معرفة، إنها قوة ومن لا يستطيع السيطرة على هذه القوة سيُبتلع بها.

هل الكابالا مجرد فلسفة؟ أم سحر فعلي؟

في العصور الوسطى، اتُهم عدد من ممارسي الكابالا بممارسة السحر الأسود، واستدعاء الشياطين، والتحكم في الناس عبر كلمات مشفرة، بل وحتى خلق مخلوقات تعرف باسم الجوليم Golem مخلوق طيني يتم إحياؤه بطقوس معينة بل إن بعض من وصلوا إلى الطبقات العليا من هذه العقيدة، يقال إنهم فقدوا عقولهم، أو اختفوا إلى الأبد.

 شجرة الحياة مفتاح العبور نحو العوالم السفلية

الكابالا

ليست كل شجرة تثمر بعضها يفتح أبوابا لا تغلق و من أشهر رموز الكابالا وأكثرها غموضًا: شجرة الحياة الكابالية ولكن ما تبدو عليه كرسمة جميلة، هو في الحقيقة خريطة روحية سرية، تستخدم للوصول إلى أقصى درجات التحكم في النفس وفي العالم وأحيانًا ما هو أبعد من العالم.

ما هي شجرة الحياة الكابالية؟

تتكون الشجرة من 10 دوائر تعرف باسم سيفيروت Sefirot، كل واحدة تمثل قوة أو مظهر من مظاهر الإله، بحسب الفهم الكابالي وتربط بين هذه الدوائر 22 مسارًا، تمثل الطرق التي يسلكها الإنسان لبلوغ الكمال أو السقوط والبعض يرى فيها خريطة للتطور الروحي والبعض الآخر يراها نظاماً سرياً لاستدعاء قوى غامضة وكل دائرة من هذه الدوائر لها اسم، ولها طاقة، وتُستخدم في التأملات، والطقوس، وأحيانًا في الطلاسم.

الوجه المعكوس: شجرة الموت The Qliphoth

في الجانب المظلم من الكابالا، تظهر شجرة أخرى نسخة مقلوبة من شجرة الحياة، تعرف باسم شجرة الموت أو القلفوث – Qliphoth هذه ليست مسارات للارتقاء، بل للغرق لكشف الظلال، وفتح أبواب السحر الأسود، والسيطرة على القوى السفلية التي تتحرك في العتمة و يقال إن السحرة الحقيقيين لا يستخدمون شجرة الحياة، بل شجرة الموت وأن الطقوس الكبرى لا تُقام فوق الأرض، بل تحتها في أقبية تزين جدرانها دوائر القليفوث ونجمة داوود مقلوبة.

الحروف والأرقام مفاتيح مخفية

الكابالا ليست مجرد تأمل إنها علم للأرقام والحروف يستخدم ممارسوها نظامًا يُدعى الجيماتريا Gematria ، وهو علم يحول كل حرف إلى رقم، وكل رقم إلى معنى، وكل كلمة إلى شفرة و مثلًا: اسم الله “יהוה” له قيمة رقمية 26 و لكن عند استخدامه بالعكس أو بطرق معينة، يقال إنه يفتح بوابات غير مسموح بعبورها وهنا يكمن الخطر: ليس لأنك قرأت شيئًا بل لأنك نطقت ما لا يجب نطقه.

الطقوس الكابالية: ما لا يُقال

رغم أن الكابالا تعرض في العصر الحديث كـ تصوف روحاني، إلا أن خلف الأبواب المغلقة، هناك طقوس لا تُنشر مثل:

  • دوائر مرسومة بالدم
  • تمتمات بأسماء غير بشرية
  • مرايا سوداء تُستخدم لاستحضار الكيانات
  • أيام محددة من السنة، تتقاطع مع الكواكب والقمر، وتمارس فيها طقوس تحرك طاقات غير مفهومة

ويقال أن أحد هذه الطقوس، يعرف باسم: طقس السيفيروت المعكوس، يتم فيه كسر الشجرة الروحية للإنسان وإعادة تشكيلها وفق إرادة الساحر.

الكابالا والمجتمعات السرية من السحر إلى النظام العالمي

طقوس الكابالا

ليسوا مجانين بل يعرفون شيئًا لا تعرفه والسؤال هنا  لماذا تجد رموز الكابالا في أماكن لا تتوقعها؟ على عملات دولية، في أفلام مشهورة، في شعارات شركات كبرى، وحتى على الهياكل الحكومية؟ هل هي صدفة؟ أم أن هناك يدا خفية توجه كل شيء من خلف الظل؟ أهلاً بك في الجزء الذي يتقاطع فيه الغموض مع السلطة.

المتنورون (Illuminati) وسحر الكابالا

يقال إن جماعة المتنورين لم تكن مجرد نخبة فكرية، بل نخبة روحية سحرية وأن كثيرًا من طقوسهم، بل وبنية تنظيمهم، مستوحاة من الكابالا:

  1. استخدام شجرة الحياة كأساس لبناء التسلسل الهرمي للمجموعة
  2. الاعتماد على الرموز العددية لفهم وإدارة طاقات الكون
  3. التلاعب بـ الواقع الجمعي عن طريق استخدام رموز كابالية في الإعلام والإعلانات

بل إن البعض يذهب إلى أن مشروع “النظام العالمي الجديد” يستند على فكرة كابالية تقول: لكي يولد النور يجب أولاً أن ينكسر النظام

الماسونية العمارة الروحية بالسيفيروت

الماسونية هي الأخرى ليست مجرد حركة هندسية أو أخوية كما تُروج بل في عمقها، تعتمد على رموز كابالية مثل:

  • العين التي ترى كل شيء = تعبير عن “كتر – Keter”، أعلى درجات السيفيروت
  • النجمة السداسية = رمز التوازن بين القوى العلوية والسفلية، والمستخدم بكثافة في الطقوس الكابالية
  • المنقلة والفرجار = رمزان لخلق التوازن بين الحكمة والفهم سيفيروت Hochma وBinah

ويقال إن الماسوني الرفيع هو من يفهم ويمارس الكابالا، لا من يحفظ طقوسها فقط.

الكابالا في الثقافة الشعبية: هل تمهد العقول؟

من مادونا إلى ليدي غاغا، ومن ديزني إلى نتفليكس، تكررت رموز الكابالا، إما علنا أو ضمنيًا:

  • الشجرة الكابالية في مشاهد الغموض
  • الرموز العددية مثل 11 و 33 و 666
  • أقنعة الطقوس والنجوم السوداء
  • أغانٍ ومشاهد تدعو بوضوح للاتحاد مع النور الحقيقي، بلغة كابالية مغلفة بالفن

كل ذلك تحت غطاء: فن – خيال – إبداع ولكن المتابعين بدأوا يتساءلون: هل يتم إعادة برمجة العقول؟ هل يتم تقديم الكابالا للعالم على شكل ترفيه؟

 الدم في الكابالا هل هو مفتاح الطاقة؟

من أكثر الجوانب جدلاً وظلمة في الكابالا السرية: هي الدم وتقول بعض الروايات إن دم الإنسان يحمل الطاقة الكونية الأصلية، وأن الكابالا تمارس بشكل أقوى حين يستخدم الدم في الطقس بل هناك طقوس في الكابالا السرية تعتمد على:

  • نقاط معينة في الجسد يُستخرج منها الدم
  • توقيتات فلكية نادرة لفتح بوابات طاقية
  • و قرابين رمزية يُقال إنها تؤدي إلى الاتصال بكائنات غير مرئية

وكل هذا يتم في أماكن لا تراها ولا يُسمح لك بدخولها.

الكابالا والعقل البشري البوابة التي لا تغلق

سحر الكابالا

ما فائدة أن تمسك بالعالم و إن خسرت عقلك في الطريق؟ لطالما وُصفت الكابالا بأنها علم النفس الروحي ، لكنها ليست بذلك البراءة التي تقدّم بها بل
هي ليست محاولة للتوازن بل تجربة لكسر النفس، ثم إعادة تشكيلها وفق رموز قديمة لا تنتمي لهذا العالم.

إعادة برمجة النفس

في الكابالا، النفس البشرية ليست مجرد مشاعر وأفكار بل نظام قابل لإعادة التكوين وتقوم تعاليمهم على فكرة أن الإنسان يحمل داخله:

  • الجانب الإلهي النور
  • والجانب السفلي الظل

وأن الهدف هو التحكم الكامل بهذين الجانبين حتى لو تطلب الأمر التضحية بالذات القديمة ولكن كيف يتم ذلك ؟ عبر ممارسات تعيد تشكيل وعي الإنسان:

  1. تأملات مركزة على رموز هندسية وأسماء إلهية غريبة
  2. تكرار عبارات بأصوات معينة تؤثر على الموجات الدماغية
  3. عزلة تامة عن الحواس لعدة أيام
  4. دخول في أحلام موجهة للوصول إلى كيانات روحانية حسب وصفهم

وهناك من فقدوا عقولهم خلال هذه الممارسات، لأنهم دخلوا عوالم لم يستطيعوا إغلاق أبوابها وأن العقل لم يستحمل هذا القدر وأحد الجوانب الغامضة في الكابالا هو التحكم بالأحلام، بل وصناعتها ويدرس في بعض فروع الكابالا أن هناك طقوسا يمكن بها: استدعاء مُرشدين روحانيين داخل الحلم ورؤية رموز تستخدم لحل مشكلات الواقع أو حتى التواصل مع الكيان الأعلى الذي يعتقد أنه يوجه الكون و لكن المشكلة أن الأحلام لا تغلق بسهولة وقد يدخل الإنسان في ما يُعرف بـ  التيه الكابالي  وهو حالة من الانفصال بين الواقع والخيال، تؤدي إلى:

  • رؤية رموز كابالية في اليقظة
  • سماع أصوات أثناء النوم واليقظة
  • فقدان الإحساس بالزمن
  • ظهور أعراض نفسية غامضة لا تفسير طبي لها

من جربوا ولم يعودوا

من الصعب أن تجد شهادات حقيقية عن من مارسوا الكابالا السرية، لكن عبر الإنترنت، في المنتديات المظلمة ومقاطع اليوتيوب المحذوفة، تنتشر قصص غريبة:

  1. شخص بدأ بدراسة الكابالا فتغيرت أحلامه وأصبح يرى نفسه داخل الطقوس
  2. فتاة توقفت عن الطعام لأيام بعد طقس استنزال نور إلهي، ثم دخلت في غيبوبة
  3. شاب رأى رموزًا كابالية تظهر على جسده بعد تأمله الطويل في مرايا سوداء
  4. وآخرون اختفوا كليًا من الإنترنت، بعد أن أعلنوا عن تجربتهم مع شجرة الموت

هل هذه القصص حقيقية؟ ربما لن نعرف أبدًا، لأن الكابالا لا تترك أثرًا بل تترك بابًا مفتوحًا في النفس.

الكابالا – السحر الذي لا يموت

سحر الكابالا الطقوس المظلمة

بعض الأسرار لا تُحكى لأنها لا تُنسى مررنا من الطقوس، إلى الرموز، إلى السيطرة النفسية، والآن نعود إلى الجذر  إلى أصل الكابالا ذلك الجذر الذي يمتد في الظلام، ويتغذى من الخوف والرغبة.

أصل الكابالا من السماء أم من أعماق الأرض؟

الكابالا كما تعرف اليوم ظهرت في العصور الوسطى، لكنها ليست جديدة و بعض المصادر تقول إنها:

  • مستمدة من تعاليم قديمة قبل الديانة اليهودية
  • امتداد لسحر بلاد الرافدين ومصر القديمة
  • نقلت عبر الصحراء من كهنة سومريين كانوا يعتقدون بوجود بوابة بين العوالم

و النصوص الكابالية نفسها تشير إلى كائنات ما فوق بشرية علمت الإنسان هذا السحر، من بينهم:

  1. الملَك رازئيل  الذي ويقال إنه همس بأسرار الكابالا لأوائل البشر
  2. الكيانات السبعة  أرواح كونية تمثل قوة الخلق والتدمير

وهنا تلتقي الكابالا مع أساطير أخرى، مثل:

  • كتب “إينوخ” المنفية
  • تعاليم السحر البابلي
  • رموز الهرم الأكبر في مصر

لماذا تخشى الكابالا إلى هذا اليوم؟

رغم التقدم العلمي والانفتاح الديني، لا تزال الكابالا محظورة بالكامل في بعض الديانات والمدارس الروحية ولكن لماذا؟ إن كانت مجرد فلسفة أو رموز؟الإجابة تكمن في أمرين: الكابالا تتجاوز الدين و لا تعترف بخطوط الحلال والحرام وترى أن الإله طاقة يمكن الوصول لها عبر أي وسيلة حتى الوسائل المحرمة و الكابالا تُعطي الفرد قوة لم يُخلَق ليتحملها و لا يقدر أن يتحتكم بالواقع غير التأثير في النفس البشرية واستخدام طاقة الخلق والخراب في وقت واحد ولهذا من يفتح باب الكابالا لا يعود كما كان.

هل الكابالا لا تزال تمارس في 2025؟

الجواب الصادم: نعم وأكثر من أي وقت مضى و توجد الآن:

  1. مدارس إلكترونية تدرس الكابالا تحت ستار التنمية الذاتية
  2. تجمعات نخبوية تمارس طقوسًا سرية داخل غرف معزولة
  3. مؤسسات إعلامية تمرر رموز كابالية في الإعلانات والأفلام والموسيقى
  4. شخصيات عالمية تعترف بممارستها، ولكن بطريقة روحانية

بل وتوجد تقارير عن طلاب دخلوا عالم الكابالا من باب الفضول، ثم انتهى بهم الأمر في حالة نفسية لا يمكن علاجها إلا بالخروج التام من العالم الرقمي، والعودة للطبيعة والسكوت التام.

الختام هل يجب أن نخاف من الكابالا؟

الخوف ليس هو الغاية و لكن الفهم والوعي وعدم الانجراف خلف ما يبدو ساحرًا ومضيئًا دون أن ندرك الثمن و الكابالا ليست مجرد تعاليم، بل بوابة. بوابة قد تفتح لك عوالم لم تكن مستعدًا لرؤيتها عوالم قد تريك الحقيقة لكنها ستأخذ جزءًا منك في المقابل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شارك المنشور :

المشاركات ذات الصلة

انضم إلى نشرتنا الإخبارية

Scroll to Top